نحن لا نتحمل الآخر في المطلق رغم كل ادعاءاتنا بالعكس، لكننا نتحمل الآخر الفنان ونحبه ونحتاجه لقدرته العظيمة على تمثيلنا، لكن هذا الأخير لا ينجح دوما في تمثيل الناس، خاصة الاستثناءات منهم، ليس لتقصير منه ، إنّما لاتخاذه بالضرورة لزاوية واحدة يرى منها الأمور فلا يفي بكل جوانب الشخصيات. لكن، مذا لو تحدثت هذه الشخصيات عن أنفسها بقلم الفنان أو بريشته؟ مذا لو تشاركا في صنع الصورة؟
تتمثل الإجابة في رهان فني جديد تتخذه مجموعة من الفاعلات الثقافيات والناشطات النسويات بالشراكة مع كل من جمعية شوف وجمعية هيفوس. نتحدث عن تجربة فنية بعنوان "شيفت" تتمثل في تحويل قصص خمس نساء استثنائيات إلى قصص مصورة من خلال لقائهنّ مع خمس فنانات تونسيات.
بين عالم الفن والرياضة تحمل كل من هذه الشخصيات قصة مختلفة عن الأخرى، لكنها شبيهة بمئات في تونس وآلاف في العالم، فبالإضافة إلى الصعوبات التي يتعرضن لها بسبب ضروف اجتماعية ما، تجدن أنفسهن في مواجهة صعوبات مضافة، تلك التي تعترضهن فقط لأنهن نساء. في هذا الإطار لنا موعد غدا 08 نوفمبر 2019 مع معرض "شيفت" الذي سيتواصل إلى حدود 18 من نفس الشهر في رواق السونترال بتونس العاصمة.
فكرة الفنانة التونسية سارة بوزقرو وهي المديرة الفنية للمعرض، مكن شيفت كلا من حبيبة الغريبي، سعيدة الخضرا، رانية عمدوني، آمال فضولي ودينا عبد الواحد من الإلتقاء بعزيزة قرجي، هالة الأمين، ملاك جربي، نهى حبيب وليا جزيري لتشكيل ثنائيات تروي القصص الخمس بأشكال تتراوح بين القصص المصورة والقصة والرواية.
من خلال المعرض، سنتعرف على العثرات التي اعترضت طريق حبيبة الغريبي التي لم نر من مسيرتها سوى الانجازات الكبرى بين ميداليات وبطولات، مالذي يقف خلف هذه الإنتصارات؟ لا بد أنها هزائم عدة سنكتشفها بفضل ملاك جربي
بين كل ما مرت به رانية عمدوني وما حققته اليوم وما تطمح لتحقيقه، لنا أن نتحدث عن معجزة أو سيرة أشبه بسير العظماء. ممثلة سينمائية وناشطة حقوقية تبلغ من العمر 25 سنة، لرانية الكثير ماتحدثنا عنه مع الفنانة ليا جزيري.
أما عن دينا عبد الواحد، فقد سلكت طريقا محفوفا لا بالمخاطر، إن<ما ربما بما هو أفضع من ذلك، نتحدث عن الأحكام المسبقة، وعن تدجين الأذواق في حرب لم تجعل للمبدعين. هي اليوم تجول كامل أنحاء العالم بموسيقاها التي لا تعكس سوى هويتها الخاصة، ولها بالتأكيد قصة ترسمها الفنانة عزيزة قرجي.
لآمال فضولي تاريخ حافل بالنضالات، اذا كان ذلك في الحقل الطلابي أو السياسي أو النسوي، لم تتخل يوما عن الصفوف الأمامية حين يتعلق الأمر بإحدى القضايا العادلة، لهذا يضفي وجودها معنى كبيرا لتجربة شيفت التي ستمكننا من التعرف على قصتها في رسوم الفنانة نهى حبيب.
في الأثناء، تقول سعيدة الخضرا "أنا مت خليني نحيا. نحب نخرج، نحب نرا العباد". بعد عشرين سنة من الانقطاع عن الرقص، وبعد مسيرة تعتبر سعيدة أنها انقطعت في أوج العطاء، وفي سن الستين سنة، تقرر هذه المرأة العودة إلى الرقص. لا بد أن بعض الخطوات والانحناءات تجري بين عروقها وأنّها لم تنس يوما احدى رقصاتها. تخلت الخضرا عن الرقص من أجل ابنها حتى تربيه بعد وفاة والدتها، ها قد كبر اليوم ولن يمنعها شيء لاستعادة الهواء الذي تعيش من أجله. قصة سعيدة ترسمها لنا الفنانة هالة الأمين.
خمسة ثنائيات اجتمعن من أجل تصوير كواليس حياة كل من هؤلاء النساء التي شقت كل منهن طريقا لا يمكن سوى أن تلهمنا وتلهم كل< نساء العالم على حد السواء.