تقع تونس على القائمة الحمراء في الترتيب العالمي للحيوانات المهددة بالانقراض، وهي من بين الدول الممضية على العديد من الاتفاقيات الدولية لحماية العديد من الأصناف الحيوانية لعل أهمها أنواع عدّة من الطيور وأنواع أخرى مختلفة من الغزلان. رغم كل الخروقات التي تشوب هذه الاتفاقيات والتي يتحمل الصيادون مسؤوليتها المباشرة، إلّا أنّ تونس قد حافظت نوعا ما على ثروتها الحيوانية خاصة منها الأصناف النادرة من الانقراض التام، ما يعود إلى مجهودات كبرى تتأرجح بين صرامة المسؤولين والتزام جزء هام من الصيادين بالقوانين المنظمة لعملية الصيد بأنواعه.
كنّا نعتقد أننا على الطريق السوية وأنّ معركة الحفاظ على ثروتنا الحيوانية هي معركة داخلية يسهل حلّها بمجرد اتخاذ مجموعة من الإجراءات، كلّ هذا إلى حدود الأيام الأخيرة، أين صدر بيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والذي يندّد بممارسات مجموعة من الأمراء القطريين في الصحراء التونسية، من صيد عشوائي للعديد من الحيوانات من بينها غزلان وطيور هي محل حماية نظرا لكونها في طور الانقراض.
دخلت القوافل القطرية للصحراء التونسية بمعدات صيد متنوعة تختلف بين المناظير الدقيقة والأسلحة بالإضافة إلى الصقور الصيادة، وبأعداد هامة من السيارات رباعية الدفع، مصحوبين بطائرة هيليكوبتر، لتتابع تحركاتهم على الشريط الصحراوي التونسي. هذا التدخل، علوا على ما يشكّله من خرق للقوانين العالمية و للمواثيق الدولية فهو أيضا تعدّ على الثروة الطبيعية التونسية وتجاوز لنظامها الإداري والقانوني.
ليست تونس الوجهة الوحيدة لصيادي قطر ودول الخليج في رحلة البحث عن الطيور والغزلان المتبقية، بعد انقراضها تماما في صحاري الخليج، بل نجد المغرب والجزائر ودول أخرى على قائمة الوجهات المتعددة التي تسلكها السيارات الكبيرة لهؤلاء الصيادين، لكن تونس، هي من بين الدول القلائل وأحيانا الوحيدة التي استطاعت المحافظة على فصائل عدة، من بينها ما ذكره الناشط عبد المجيد دبار، وهي "الغزال الأبيض"، "غزال الجبال" و"طائر الحبارة". نحن اليوم، على حافة خسارة كبرى، لأحد أهمّ الأسس للنظام البيئي الذي نعيشه صلبه.
في خضم الجدل القائم حول هذه المسألة، تشكل قصة الترخيص الذي تم إسناده لهؤلاء حتى يقوموا بهذا التدخل، نقطة استفهام كبرى حول علاقة سلطات الإشراف بهذه السلوكات التي وجب إيقافها بشكل فوري.